بعد ثلاثة عقود من الإقصاء والتهميش.. المرأة الجنوبية تقف بثبات لاستعادة دورها الريادي

لقد قدمت المرأة الجنوبية دور كبير ومحوري في بناء المجتمع الجنوبي المدني في مختلف جوانب الحياة دليل على كون المرأة عنصرًا أساسيًا في إحداث عملية التغيير في المجتمع، وبرزت العديد من النساء الجنوبيات المناضلات الاحرار في طرد المستعمر البريطاني من أرض الجنوب.

 

ولدور المرأة المشرف في التغيير الإيجابي في بناء المجتمع الجنوبي المدني فقد حرص الرئيس عيدروس بن قاسم الزُبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، على المرأة وأولي اهتماما كبيرا بالمرأة الجنوبية واعطاها المكانة العالية من أجل أن تطالب بحقوقها في الرأي والتعليم وتدافع عن نفسها ضد العنف والجهل والتخلف.

 

ويؤكد الرئيس القائد عيدروس الزبيدي، في خطاباته على اهمية مشاركة المرأة بالقرار السياسي كون المرأة الجنوبية تعد صانعة الحاضر والمستقبل إلى جانب أخيها الرجل في مشوار استعادة وبناء دولة الجنوب.. مشيرا الى وقوف ودعم المجلس الانتقالي لنضال المرأة الجنوبية لاستعادة حقوقها وصناعة مجدها كجزء من مجد وحقوق شعب الجنوب العظيم.

 

وبعد ثلاثة عقود من إصرار وعزيمة المرأة الجنوبية الذي ظلت فيه صامدة وشامخة شموخ الجبال الرواسي، وقدمت تضحيات جسيمة، هاهن نساء الجنوب اليوم، يقفن صفاً واحداً من مختلف محافظات الجنوب؛ لاستعادة الهوية والثقافة الوطنية للجنوب التي سلبت بالإقصاء والتهميش الممنهج، وأملاً بالدفاع عن قضاياهن، وكان من آمالهن إعادة تأسيس اتحاد نساء الجنوب الذي يكفل لهن الحقوق ويحمي الحرية ويحقق الطموح.

 

 

 

تدشين المؤتمر التأسيسي لاتحاد نساء الجنوب

 

 

انطلقت السبت الماضي، بالعاصمة عدن، فعاليات المؤتمر التأسيسي للاتحاد العام لنساء الجنوب تحت شعار "استعادة الدور الريادي لنساء الجنوب"، الذي يهدف الى خدمة المرأة والأسرة في الجنوب، وعقب فعالية التدشين اقامت اللجنة التحضيرية لاتحاد المرأة الجنوبية جلسات مغلقة وتم اختار الاتحاد العام لنساء الجنوب، ندى العوبلي رئيسا، وزكية باحشوان أمينا عاما للاتحاد.

 

وأشارت هدى الكازمي، مدير مكتب الإعلام في العاصمة عدن، عضو الهيئة الوطنية للإعلام الجنوبي، إلى إن تأسيس الاتحاد العام لنساء الجنوب فرصة حقيقية لكيان يجمع نساء الجنوب تحت مظلة قوية تحمي حقوقهنّ ومطالبهنّ، وهي مساحة واسعة لتمثيل المرأة الجنوبية على أرض الجنوب لتكون صانعة قرار.

 

وخلال التدشين التأسيسي للمؤتمر، ألقى الدكتور محمد سعيد الزعوري، وزير الشؤون الاجتماعية والعمل، كلمة زف فيها التحايا للمرأة الجنوبية على عزيمتها ونجاحها وادوارها البطولية والنضالية في صناعة مستقبل دولة الجنوب، مشدداً على بذل الجهود من أجل تعزيز دور المرأة في انتشار الواقع التعليمي المزري باعتبارها المربية الاولى للأجيال في البيت والمدرسة.

 

وأضاف الوزير الزعوري،بالقول ": نحن بدورنا نبذل الجهود للعمل على زيادة تمثيل المرأة في المؤسسات الحكومية والشركات والمنظمات غير الحكومية وتشجيع المرأة على المشاركة الفاعلة في الحياة العامة، وتوفير فرص تعليمية داخلياً وخارجياً ودعم النساء في اكتساب المهارات اللازمة لتحقيق الارتقاء الشخصي والاقتصادي.

 

وأوضحت ندى عوبلي المنتخبة رئيسٱ للاتحاد العام لنساء الجنوب، بأن اللجنة التحضيرية بذلت روح التعاون لإنجاح المؤتمر والاستفادة وتبادل الخبرات والمعرفة وسبل التعاون على مختلف المجالات، منوهةٍ بأن النضال والجهود في تنظيم المؤتمر التأسيسي يعكس التزامنا وإرادتنا الحقيقة في تعزيز المرأة وتحقيق العدالة ويمكننا الاتحاد من تحديد الأولويات والرؤى الحالية والمستقبلية.

 

وباركت الأستاذة جيهان حيدرة رئيسة اللجنة التحضيرية للمؤتمر التأسيسي لاتحاد نساء الجنوب بمحافظة أبين، نجاح تأسيس اتحاد نساء الجنوب الذي يعد اولى الخطوات الهامة للمرأة الجنوبية لتعزيز دورها في المجتمع وحماية كافة حقوقها والمشاركة الفاعلة في البناء والتنمية.

 

 

استعادة المكان الريادي

 

 

كان اتحاد النساء في الجنوب موجودا منذ 1968م، وقد نالت فيه المرأة الجنوبية حقوقها كاملة واتاح الإمكانية للاسهام الحضاري الفاعل في شتى مجالات الحياة فكانت المرأة الجنوبية؛ الطبيبة والمهندسة والمعلمة والجندية والضابطة والرياضية والقاضية،  إلى عام 1990م،  وما بعده تم إقصاء وتهميش دور المرأة الجنوبية من كافة المواقع القيادية وجميع الأدوار الاجتماعية والسياسية والثقافية، حتى قامت الثورة الجنوبية وبعد طرد الانقلاب الحوثي من الجنوب، أصررن نساءه  على عمل والتضحية من أجل تأسيس اتحاد يشمل الجميع وعلى نطاق أوسع.

 

وتؤكد الأستاذة مارينا محسن عوض مقراط، عضو القيادة المحلية بالمجلس الانتقالي في مديرية زنجبار، م/ أبين، على أن المرأة الجنوبية حققت انجازات عظيمة في مختلف مجالات العمل، وبرهنت بأنها عظيمة وتواقه للحرية والاستقلال والنجاح وترأست مناصب إدارية ووزارية ودعمت تعليم الفتاة في كافة المجالات والتخصصات العلمية، ومن أبرز انجازات وبصمات نساء الجنوب بالحاضر، تأسيس اتحاد نساء الجنوب في 6 يناير 2024م.

 

أما نور سريب  رئيسة تحرير صحيفة الوطن توداي، أوضحت بأن العمل النسوي في الجنوب له تاريخ كبير حافل بالانتصارات، متمثلة بالتقدم الكبير الذي شهدته جمهورية اليمن الديمقراطية في قوانين الأسرة وتمكين النساء في مختلف المرافق؛ ولم يكن اتحاد نساء اليمن الذي تأسس في سبعينيات القرن الماضي في فترة حكم الرئيس سالمين مجرد كيان لجمع النساء، فقد كان جهة متخصصة في تأهيل وتدريب وتمكين النساء.

 

وفي طريق استعادة الدور الريادي للمرأة الجنوبية، تحدث الدكتور محمد حمود قاسم، مدير عام مكتب الشؤون الاجتماعية والعمل بالعاصمة عدن، قائلاً: "أشع بالسعادة؛ لكوننا نستعيد الدور الريادي للمرأة الجنوبية التي كانت سباقة في العمل المجتمعي منذ اربعينيات وخمسينيات القرن الماضي، مؤكدا بأن المرأة الجنوبية أثبتت جدارتها في النشاطات المختلفة للمجتمع.

 

 وأضاف الدكتور حمود :" بأن انعقاد هذا المؤتمر التأسيسي للمرأة يعد رافدا مهماً لاستعادة بقية الكيانات التي ناضلت المرأة من أجلها لاستعادة الهوية الجنوبية ولإحقاق الحق لشعب الجنوبي التواق للحرية واستعادة دولته ذات السيادة الكاملة بحدودها قبل مايو 1990م".

 

فيما أشارت، الأستاذة إكرام محسن محمد محمد، مندوبة المؤتمر التأسيسي عن محافظة الضالع مديرية الحصين، إلى أن المرأة الجنوبية أخذت مكانتها بعد  عملاً جباراً؛ للوصول لصوت واحد للمرأة الجنوبية، مضيفةٍ بأنه ليس بجديد علينا تشكيل اتحاد نساء  الذي سنعمل فيه جاهدين حتى تستعيد المرأة الجنوبية مكانتها ودورها الريادي.

 

 

أهداف الإتحاد العام لنساء الجنوب

 

 

 جاء تأسيس الاتحاد العام لنساء الجنوب؛ لتعزيز دور المرأة وأخذ حقوقها في  التعليم والتدريب والتأهيل بهدف توفير فرص عمل نوعية لإكسابهن المهارات اللازمة وتحقيق الارتقاء الشخصي والاقتصادي ورفع مستوى التعليم باعتبارها مربية الأجيال في البيت والمدرسة، إضافة إلى زيادة تمثال المرأة في المؤسسات الحكومية والشركات والمنظمات غير الحكومية وتشجيع المرأة على المشاركة الفاعلة في الحياة العامة، واتخاذ القرارات ذات الصلة بمصالحها.

 

وقال الوزير الزعوري، بأن تأسيس الاتحاد هو تجسد على أرض الواقع آلية حماية حقوق المرأة عملياً بالقوانين والمواثيق الدولية وتطوير المعرفة المتعلقة بقضايا النساء والنوع الاجتماعي من خلال البحث والتوثيق والرصد والتحليل مع تقديم الدعم القانوني والنفسي والطبي للمدافعات عن حقوق الانسان والنساء.

 

وفي هذا الجانب اشارت هدى الكازمي، إلى أن أهمية تأسيس الاتحاد؛ هو اسماع  صوت المرأة التي ظُلِمت، ويدعم المرأة الجنوبية المبدعة في مختلف المجالات، مع فتح الآفاق أمامها لتكون شريكة فاعلة في بناء المجتمع، وصانعة قرار، وصاحبة فكر، ومرشدة الأجيال، وحاملةً رسالة سامية عنوانها الحب والجمال والأمن المجتمعي.

 

ونوهت ندى عوبلي،  إلى أن الاتحاد يمكن المرأة الجنوبية في المجتمع في جميع المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية؛ لأنها الركيزة الأساسية في المجتمعات المزدهرة والمستدامة، وتعتبر مشاركتها الفاعلة في الحياة العامة ومواقع صنع القرار من أهم العوامل التي تساهم المرأة على حماية حقوقها ومكافحة جميع أشكال التمييز والعنف ضدها وتعزيز الوعي بقضايا المرأة والعمل على تشريعات تدعم حقوقها وتضمن المساواة بين الجنسين.

 

وتؤكد الأستاذة عيشه فرج يسلم الصاعري، مديرة عام تنمية المرأة بديوان محافظ محافظة لحج، مندوبة المؤتمر التأسيسي، على أن من أهداف الاتحاد هو تحقيق المساواة بين النساء والرجال دون التعرض للعنف والتمييز، إضافة إلى المشاركة بالعملية الانتخابية والترشيح في الانتخابات، حتى المناصب العليا ووصولها إلى صنع القرار.

 

 

تطلعات المرأة الجنوبية

 

 

وعن تطلعات وآمال المرأة الجنوبية، تحدثا الأستاذة ذكريات علي صالح العرسه، مندوبة محافظة شبوة مديرية الصعيد، قائلة: " بأن المرأة الجنوبية تتطلع إلى رفع مستواها واستعادة دورها الريادي والدفاع عن حقوق المرأة؛ لتكن شريكاً فاعلاً في كافة المجالات من خلال العمل على تحقيق أهداف المؤتمر التأسيسي للاتحاد العام لنساء الجنوب".

 

 

 

وفي السياق ذاته، أطلق ناشطون وسياسيون جنوبيون يوم الجمعة الماضية،  هاشتاج #اتحاد_نساء_الجنوب على مواقع التواصل الاجتماعي، تزامنًا مع انعقاد المؤتمر التأسيسي للاتحاد العام لنساء الجنوب، أشاروا فيه إلى أن المؤتمر التأسيسي يعبر عن  خطوة وإرادة المرأة الجنوبية لإعادة رص صفوفها صوب مرحلة جديدة من البناء واستعادة استحقاقات شرعية فقدتها في ظل ما تسمى بـ “الوحدة اليمنية” المشؤومة.