الرئيس الزُبيدي في حوار مع صحيفة "4مايو": نُبشر أبناء الجنوب بما يسرهم في المرحلة القادمة

قال الرئيس "عيدروس قاسم الزُبيدي"، بأنّ السير نحو الهدف الذي ينشده الجنوبيون لا يزال مستمراً ولا يمكن التخلي عنه، مضيفاً: "استعادة الجنوب هو الهدف الثابت الذي نسعى إليه ولا حِياد عنه".

وأكد رئيس المجلس الانتقالي في حوار خاص مع صحيفة "4مايو" أن الفترة المقبلة ستشهد اكتمال هيئات المجلس الانتقالي، وأن الأمور مبشرة لشعب الجنوب بعد أن تم تداول قضيته على مدى إقليمي ودولي واسع.

وتحدث عن مكافحة الإرهاب وعن دور دول التحالف العربي في الوقوف مع اليمن بقيادة المملكة العربي السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، مؤكداً على أن الجنوب وشعبه لن يقف إلا مع محيطه العربي.. التفاصيل في سياق الحوار، في الأسطر الآتية:

•أهلاً وسهلاً بك سعادة الرئيس .. هل لك أن تُحدِّثنا عن مناسبة مرور عام على تأسيس الانتقالي وماذا حقق فيه؟

-بداية  نشكر صحيفة "4مايو"، ونحيي قبل ذلك أهلنا الجنوبيين في الداخل والخارج، كباراً كانوا أو صغاراً، وأما عن هذه المناسبة - مناسبة 4 مايو - فنحن نحتفل بالذكرى الأولى لمرور عام كامل على تأسيس المجلس الانتقالي، هذه الذكرى التي تم فيها تأسيس هيئة الانتقالي وبعدها تم تأسيس هيئة فروعه في باقي المحافظات، وبعدها تم تأسيس الجمعية الوطنية بقوام 301 عضواً، وتم استكمال بناء هيئة المجلس الانتقالي في باقي المديريات، وطبعاً خلال هذه المرحلة كان التنظيم هو الأساس للمجلس الانتقالي - الذي يعد الحامل لقضية الجنوب مع شعبه - وهو الهم الأساسي ، وأهم حدث خلال هذا العام هو لقاؤنا بالمبعوث الأممي ، والذي تم الجلوس معه من قبل هيئة الرئاسة والدائرة الخارجية ، وتم التحدث معه بشكل شفاف على أساس أن المجلس الانتقالي هو المكون الأكثر شعبية والأكبر على الإطلاق على مستوى الجنوب ، والأمور مبشرة لشعب الجنوب ، وتبقى هيئة واحدة هي (هيئة مجلس الشورى) ، إلى جانب الهيئات التي تم تأسيسها ، والمجلس الانتقالي على وشك أن يشرف على الانتهاء واكتمال هيئاته في القريب العاجل.

•كيف تقرأ تزامن قرار إقالة أبرز القيادات الجنوبية من الشرعية بذكرى الحرب على الجنوب في 94، وكذلك إقصاء محافظين ووزراء جنوبيين لم يكن ذنبهم إلا أنهم وقفوا مع أهاليهم ووطنهم؟

-طبعاً هذا السؤال يوجه إلى من دعم قرار الإقالة، وبالنسبة لنا فهدفنا واضح ومحدد، ويتمثل باستعادة الجنوب ، فهو الهدف الثابت الذي نسعى إليه ولا حياد عنه، والإقالة بالنسبة لنا مثل عدمها؛ لأن هدفنا أرفع مقاماً ومكاناً، فنحن نبحث عن مستقبل وطن وشعب تم تهميشه وإقصاؤه وتدمير كامل مقوماته منذ ثلاثة عقود كاملة، وبالتالي هذا صنع لنا تركة ثقيلة جداً، ليس من السهل إزاحتها أو التخلص منها بسنة أو سنتين أو ثلاث، وأنتم تعلمون أن البناء يستغرق عمراً، أما الهدم فهو مجرد اتخاذ قرار، والجنوب الآن أصبح في مرحلة المخاض، وعلى شعبنا أن يثبت ويصبر ، فالنصر مع الصبر ، وبإذن الله يحلُّ النور بعد أشد ساعات الظلام حلكةً، ولذلك نقولها للجميع : تركنا منصب محافظ العاصمة عدن، وخرجنا مع أهلنا، لتأسيس المجلس الانتقالي، ووضعنا الآن أصبح أكبر مما كان عليه في السابق كمحافظ، والله العالم أننا ما قَبِلنا المنصب حينها إلا رحمةً ورأفةً بأبناء شعبنا، فلقد عانينا من بقائنا في السلطة لعدم ممارسة حقنا مع مطالب شعب الجنوب، وعدم المقدرة على خدمتهم كما ينبغي وكما يستحقون منا، وهذا سبَّب لنا إحراجاً كبيراً ؛ ولذلك ما كان منا إلا أن نخدم شعبنا خارج منصب المحافظة، وقد أعلناها في وقتها بأننا معهم دون غيرهم، فما كان منهم إلا أن أرادوا استفزاز شعبنا بذلك التاريخ، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على عقلية صغيرة وضيقة، ولهذا نقول لقد وقفنا مع شعب الجنوب وحركنا القضية داخلياً وخارجياً واليوم بإذن الله نحن على مقربة منهم.

وقرار الإقالة إنما هو بسبب رفضنا لسوء الخدمات والحكومة الفاسدة ، والمسألة طبيعية بمجابهة الحكومة ولعلم الجميع قبل الإقالة كنا نعيش حالة ضغط كبير مع ما يُطالب به شعب الجنوب.

وبالنسبة لقرارات الإقالات الجماعية ، فهم كانوا يتوقعون أن قرار إقالتنا أو إقالة أحمد بن بريك، أو إقالة الخبجي أو لملس أو هاني بن بريك أو سالم السقطري أو أيّ محافظ ومسؤول، توقعوا أن نتراجع وننكمش وننتهي، وأننا سنلزم بيوتنا وينتهي الأمر، لكنهم لا يعلمون أننا منذ 94 ونحن نقاوم من أجل استعادة دولتنا ، وفي المرحلة القادمة سيحصل ما يسر أبناء الجنوب بإذن الله تعالى.

•سيادة الرئيس .. ظهرتم في أكثر من مناسبة أمام الجماهير وعيناك تدمعان، بماذا تشعر في تلك اللحظات؟

-(ابتسامة ونفس عميق) .. هل تعرفون؟!.. هذا الشعب من أنبل الشعوب، ويعلم الله أنني أحبهم، ولا يمكن أن أفرِّط في أحد منهم، وأنهم يشعرونني بالسعادة بتآزرهم وتآلفهم وتوحدهم على مبدأ واحد، لذلك نعمل جميعاً بكل ما نستطيع لصنع السعادة لهم، ومهما كلفنا الثمن، ولقد عاهدناهم سابقاً ونعاهدهم أننا لا نفرِّط بهم مهما كان الأمر، فمن حقهم أن يعيشوا حياة سعيدة كبقية الشعوب، وإننا نطمح - بإذن الله - لأن نتتبع سيرة الشيخ زايد وأولاده، من أجل بناء وطن متعلم كريم، ويكون شعبنا شعبٌ حر وأبيّ كما كان دائماً، وكما رفع رؤوسنا عالياً، بإقدامه وشجاعة شبابه، ومن له شعب بهذه الصفات ألا تدمع عيناه حباً وكرامة لهذا الشعب؟! ..لقد سألتماني بشيء يُشعِل في داخلي الحب والحنين ويجعلني أبذل من أجل هذا الشعب الغالي والنفيس، ولن أكون سعيداً من دونهم، فالسعادة ليست بالمناصب وليست بالمال بل هي بالعطاء والمحبة والبذل، وهذا الشعب شعب وفيّ ويستحق كل الخير.. ونحن في ظل هذه المرحلة الهامة والحساسة نخدم قضية أبناء الجنوب واستعادة الدولة ونحن نثق بشعب الجنوب ونحبه.

•ما الذي تمخض عن صدامات يناير الأخيرة بين الشرعية من جهة والمقاومة الجنوبية والمجلس الانتقالي من جهةٍ أخرى؟

لم نصل مع حكومة الشرعية لأي اتفاق ، وسنظل ندافع عن شعب الجنوب متى ما احتاجنا الشعب، ومتى ما تطلَّبت الضرورة ذلك، ونعتبر الاعتداء على المظاهرات والاحتجاجات السلمية خط أحمر، وهذا ما حدث سابقاً بعد الاعتداء على نسائنا أو شبابنا في ساحات الحرية والنضال، لذلك لم يكن أمامنا في المجلس الانتقالي أو المقاومة الجنوبية إلا التحرك، ولن نسمح لأيّ قوة أن تؤثر على شعب الجنوب حتى نستعيد دولته ، وأما كرامته فهي موجودة ولن تستطيع أي قوة أن تُضعِف شعب الجنوب مهما حاول البعض أن يتمادى.

ونحن هنا الآن في حالة حرب مع الحوثي ، ولكن السماح بمظاهرة سلمية ضد الحكومة حقّ مكفول لهم، وأما إطلاق النار عليهم فهذا غير مقبول، ولن نسمح بذلك ، وسنحمي شعب الجنوب وندعمه ونؤيده بتقرير مصيره ، وما كان تدخلنا عبثياً، ولكنها كرامة شعب بكل أطيافه.

 وأما عمل الحكومة فهو شأن التحالف العربي، حتى يتم استكمال الحرب ضد الحوثيين ، ونحن إلى جانب التحالف ولا يمكن أن نكون معرقلين للتحالف في استكمال ضرب مليشيات الحوثيين وخروجهم من السلطة ، وتحقيق أهداف عاصفة الحزم والأمل، ولدينا أهداف مشتركة ، ونحن نعمل في المحيط العربي وما يضرهم يضرنا، ونحن لا نتقاطع في الأهداف.

•ماذا كان موقفكم من تخوف الناس من حدوث يناير جديدة؟

- أبناء الشعب الجنوبي وعوا الدرس جيداً، ولن تنطلي عليهم أي افتراءات وأكاذيب، وهم يعرفون مصالحهم جيداً، فهم جيل جديد ولابد أن يعيشوا حياتهم بعيداً عن أي صراعات، ونحن نعمل على التمهيد لحياة كريمة، من أجل أن يدرسوا ويتعلموا كأبناء بقية الشعوب الأخرى، وعليهم أن يستثمروا في عقولهم، ولن نرضى لأبنائنا أن يموتوا لأي سبب كان، أو أن ينجروا لصراع بين الإخوة، ولقد تم تجريبها سابقاً وما استفاد منها أحد، وما التخوف منها إلا فقط خطط يتم تنفيذها من قبل الحكومة بهدف نشر الرعب والخوف، ولكننا متيقظون لها جيداً.. من حق أبنائنا أن يعيشوا ويدرسوا ويحققوا لأولادهم الرفاهية..

-ضمانة أبناء الجنوب أنهم مسيطرون على الأرض الآن ، وخروجهم عن الأرض هي عدم الضمان، لذلك لا خوف عليهم ولا على الوطن، فهم رجاله وأسوده، وأما بالنسبة لمن يذهبون للقتال خارج حدود الجنوب، فهذه قناعتهم الشخصية وقناعة المقاومة الجنوبية، ونحن ندعم المقاومة الشمالية حتى دحر الحوثي، ونحن نقف مع دول التحالف العربي في كل شيء، وبشأن تقدير التحالف للدماء فهذا شيء مؤكد، لأنها في النهاية ستتحول إلى شراكة ولكن بعد أن تنتهي سيطرة المليشيات الحوثية على السلطة نهايةً كاملةً ، والتحالف في الفترة الأخيرة حقق انتصارات كبيرة للغاية - من ضمنها مقتل الصماد - وعمليات كثيرة ، ومسألة وقت هي ليس إلا.

 كما أن لدينا مصالح مشتركة مع دول التحالف حالياً ، فالإماراتيون قدموا الشهداء والضحايا وشاركوا في الحرب ويدفعون الرواتب ويقدمون الخدمات وقائمون بدور الحكومة. وهناك من يريد أن تأتي دولة للجنوب تقدم أبناءها وتقدم دماءها وتقدم الأسلحة والعتاد وتقدم الكهرباء والخدمات ، وبالنهاية تعتبر هذه شراكة بالنسبة لنا. وكذلك محاربة الإرهاب ، فمثلاً أن يأتي أحد الإرهابيين ليفجِّر نفسه وسط ناس عسكريين ويتسبب بقتل العشرات من طالبي التجنيد المساكين، وهم في طريقهم للتسجيل ويأملون بما يسد رمقهم ويأتي واحد ويفجر نفسه وسطهم ، فما ذنب هؤلاء؟! ، لذلك شراكتنا مع أشقائنا في دول التحالف هي شراكة مصير ، ولن نكون أبداً إلا مع محيطنا العربي، وشراكتنا ستكون من كل الاتجاهات والنواحي ، أم نظل نعتمد على  حكومة لم تستطع تثبيت الأمن ولا توفير الاستقرار ولا عرفت تدفع رواتب؟! . وشعب الجنوب في هذا الظرف العصيب بحاجة إلى مساعدة من العالم كله وليس لدينا أدنى مشكلة في ذلك أن نستقبل أي مساعدات، لكن كرم الإمارات والمملكة كان الأكثر سخاءً وتضحيةً.

•ما رأيكم في ملف مكافحة الإرهاب والدعم الإماراتي؟

-ملف مكافحة الإرهاب ملف شائك وتحملناه بمساعدة كبيرة من الإمارات ونجحنا فيه وكافحنا، وتم القضاء على الإرهاب بنسبة كبيرة في محافظة عدن وأبين ، وكافحنا الإرهاب بشكل مستمر حتى تم القضاء على إرهابي كبير في محافظة عدن ، ودور قيادة الأمن بقيادة شلال دور جبار وبمساعدة وإسناد دولة الإمارات العربية المتحدة ، والتحالف سيقف معنا، سواء في عدن أو لحج أو أبين أو الضالع أو شبوة أو حضرموت في سبيل مكافحة الإرهاب، الذي تدعمه جماعة  الإخوان المسلمين وذراعهم في اليمن حزب الإصلاح والمرجعيات المتطرفة التي تغذيها هذه المناهج الفكرية.

•طيب ماذا عن ملف الخدمات وما دور المجلس الانتقالي في ذلك؟

-المجلس الانتقالي الجنوبي هو حامل قضية الجنوب ، ومهمته حمل قضية الجنوب داخلياً وخارجياً واستعادة الدولة، وملف الخدمات ملف تتحمله الحكومة، والحكومة لم تعمل شيئاً لعدن والمحافظات الجنوبية المحررة من ناحية الخدمات ، فالدور كله تقوم به الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية فقط، ونريد أن تكون الشراكة التي ليس فيها إقصاء لأحد ، فالمشكلة مع الحكومة الفاسدة وما يعانيه الجنوب نحن نعاني منه ، ونعاني من حرب الخدمات وجزء من ميزانية الحكومة تذهب لدعم عناصر متطرفة.

•إلى أين وصلتم في العلاقات الخارجية؟

- فتحنا مكاتب في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا ، والترخيص جاهز ونعمل بشكل مباشر وإدارة العلاقات الخارجية تعمل بشكل مباشر وبشكل حثيث مع المنظمات الدولية والأممية والتعريف بالمجلس الانتقالي وبالجنوب ، وقطعت – أي المكاتب -  شوطاً كبيراً جدًا والحمد لله تعالى ، وسيتم تفهم وضع الجنوب في الأيام القادمة، وهنالك أمور مطمئنة، ونحن لا نتحدث بشكل مفصل ولكن نعمل خارجياً للقاء المنظمات الدولية أو عبر برلمانات أو حكومات .

•ألا يستحق الجنوب قناة - سيادة الرئيس - لتكون مرشده وربانه؟

-ربان شعب الجنوب سيكون المجلس الانتقالي وبشكل مؤسسي وممنهج بإذن الله ، ودون إقصاء لأحد، والعمل جارٍ لعمل قناة تبث من عدن وجاري العمل على تأسيسها وستبث بإذن الله من عدن .

•ماذا عن الحوار (الجنوبي - جنوبي) ؟

-نحن مستمرون بالنسبة للحوار الداخلي ، و د. ناصر الخبجي يقود هذا الحوار ، وبدأنا به في القاهرة، ونقولها للجميع : نحن نرحب بالجميع ولا نستنقص من أحد، فهم إخواننا ونحن إخوانهم، وسنكون تحت لواء واحد، وهذا لا خلاف عليه التحرير والاستقلال، ونقولها للجميع نحن نرحب بالجميع ولا نستثني أحداً. 

•يقول البعض أنكم الجنوبيون لستم رجال دولة -  عكس الشماليين – ما ردكم؟!

-الأيام القادمة ستثبت لهم أن أبناء الجنوب هم رجال الدولة القادمة، ثم أعتقد أن هذه الرؤية نمطية وعاطفية، وليست واقعية أبداً، إذ أنها أولاً شمولية والتعميم في أي شيء خاطئ، ولا يدل على عقلية تفصل العاطفة عن العقل، ثم من قال أن الجنوبيين ليسوا رجال دولة، بل الكثير من رجال الجنوب رجال دولة، وإن حصلت هنالك أخطاء فهذا حدث ويحدث في كل دول العالم، ولعلكم تسمعون تجاذبات دول كبرى في هذا الصدد، فهل يصح أن نقول الشعب الفلاني ليسوا رجال دولة؟! ، هذا غير منطقي! ، ثم بشأن الجنوب ولمن يقول أن الجنوبيين ليسوا رجال دولة، على أي أساسيات بنى حكمه؟ بالنسبة لي أعتقد أن مفهوم الدولة لدى بعض من يقول بأنّ الجنوبيين ليسوا رجال دولة، مفهوم قاصر، فهو لا يدرك معنى الدولة، حتى يتحدث عن رجالها، هذه تركة ثقيلة في الجنوب، وبقايا دولة مدمرة، وهنالك فرق كبير، بين الدولة وبقاياها، الجنوبيون يواجهون معارك في كل الاتجاهات، والأمر لن يكون سهلاً على الإطلاق، الدولة تحتاج لإيمان وصبر وتضحية، ولا شيء يأتي من دون تضحيات متواصلة مقرونة بالصبر، لكن المشكلة أن الانتهازية لدى الأفراد هي من ستضيع الدولة.